responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 200
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ إِلْقَاءَ السَّلَمِ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنَ الْمَوْتِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَسْلَمُوا وَأَقَرُّوا لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَقَوْلُهُ: مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ أَيْ قَالُوا مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ! وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا السُّوءِ الشِّرْكُ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ رَدًّا عَلَيْهِمْ وَتَكْذِيبًا: بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالشِّرْكِ، وَمَعْنَى بَلَى رَدًّا لِقَوْلِهِمْ: مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ وَفِيهِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ إِلْقَاءَ السَّلَمِ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنَ الْمَوْتِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ عَادَ الْكَلَامُ إِلَى حِكَايَةِ كَلَامِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلْقَوُا السَّلَمَ وَقَالُوا مَا كُنَّا نَعْمَلُ في الدنيا من سوء، ثم هاهنا اخْتَلَفُوا، فَالَّذِينَ جَوَّزُوا الْكَذِبَ عَلَى أَهْلِ الْقِيَامَةِ، قَالُوا: هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْكَذِبِ/ وَإِنَّمَا أَقْدَمُوا عَلَى هَذَا الْكَذِبِ لِغَايَةِ الْخَوْفِ، وَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الْكَذِبَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ قَالُوا: مَعْنَى الْآيَةِ، مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ عِنْدَ أَنْفُسِنَا أَوْ فِي اعْتِقَادِنَا، وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى أَهْلِ الْقِيَامَةِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الْأَنْعَامِ: 23] وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ قَالَ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ رَدًّا عَلَيْهِمْ وَتَكْذِيبًا لَهُمْ، وَمَعْنَى بَلَى الرَّدُّ لِقَوْلِهِمْ: مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يَعْنِي أَنَّهُ عَالِمٌ بِمَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا فَلَا يَنْفَعُكُمْ هَذَا الْكَذِبُ فَإِنَّهُ يُجَازِيكُمْ عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي عَلِمَهُ مِنْكُمْ. ثم صرح بذكر العقاب فقال:

[سورة النحل (16) : آية 29]
فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَفَاوُتِ مَنَازِلِهِمْ فِي الْعِقَابِ، فَيَكُونُ عِقَابُ بَعْضِهِمْ أَعْظَمَ مِنْ عِقَابِ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ تَعَالَى بِذِكْرِ الْخُلُودِ لِيَكُونَ الْغَمُّ وَالْحَزَنُ أَعْظَمَ.
ثم قال: فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ على قَبُولِ التَّوْحِيدِ وَسَائِرِ مَا أَتَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَتَفْسِيرُ التَّكَبُّرِ قَدْ مَرَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة النحل (16) : الآيات 30 الى 32]
وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَحْوَالَ الْأَقْوَامِ الَّذِينَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. وَذَكَرَ أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ وَمِنْ أَوْزَارِ أَتْبَاعِهِمْ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَوَفَّاهُمْ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ يُلْقُونَ السَّلَمَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ لَهُمُ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ، أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ وَصْفِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست